عصر الثلاثية :
ليس مهماً أن تأتي الأشياء الجميلة متأخرة بعض الشيء.. لكن المهم - بل الأهم - أن لا تغيب تماماً في عز الحاجة إليها.. فالفرحة مهما كانت صغيرة أو كبيرة، قد تضيع في زحمة الإخفاق هنا أو التعثر هناك، لكنها رغم ذلك لن تموت مادام القلب ينبض بالأمل ويخفق بالطموح. ولو أردنا تحديد الأشياء بمسمياتها الدقيقة والصحيحة جاز لنا القول أن الصبر كان المفتاح الأول الذي استخدمه الاتحاد لفتح مناجم الذهب وحصد الكؤوس والبطولات، وكأنه قد استشعر مقولة أحد الفلاسفة (أن النجاح في معظم الأمور يتوقف على أن يعرف الإنسان إلى متى يجب أن يصبر حتى يفوز). لقد صبر الاتحاديون سنوات طويلة تجرعوا خلالها مرارة الحرمان من البطولات نتيجة ما تعرض له هذا النادي من مكائد ودسائس استهدفت إنهاك قواه وتجريده من عوامل التفوق. كانت هذه المعاناة بكل ما فيها من قهر كافية جداً لتعويد الاتحاديين على الصبر والتحمل والجلد، بل أنها حقنتهم بمصل المناعة ضد كثير من فيروسات الإنهاك وسموم التدمير. ومن هنا بدأت رحلة الصمود في وجه التيارات المختلفة ومرحلة الظهور الجماعي للعديد من المفاهيم التي تقبع تحت مظلة الصبر. فقد صبر الاتحاديون على الحرمان وهم في عز الاستعداد، تحملوا القهر وهم يرفعون شعار الأمل والطموح. كان يتمسكون بحبل الصبر وكأنهم على يقين تام بأن إدراك الأماني يبدأ من هذا الحبل، لم تثبطهم الإخفاقات ولم تفت من عضدهم السنوات العجاف، بل أنهم في كل موسم يزدادون لهفة وشوقاً لبطولة تروي عطشهم وترسم البسمة على شفاههم، ومع تجدد الإخفاق يتجدد الأمل وتتسع دائرة الصبر والثبات، ولولا هذا الموقف البطولي لتاه الاتحاد في دروب الإخفاق ولازم الفشل حتى يومنا هذا. تلك هي الشجاعة التي تحلى بها الاتحاديون فمنحتهم مفتاح البطولات ونقلتهم من مواسم الجفاف والقحط إلى مواسم الحصاد الكبير. ولما كان هذا التوثيق الذي يضمه هذا الكتاب يصدر بمناسبة الاحتفال باليوبيل الماسي لنادي الاتحاد فلابد إذن من التوقف لتسليط الضوء على أبرز فعالياته وسبر أغوار قصته بالكلمة والصورة. وبما أن كرة القدم هي الواجهة الرئيسية للأندية الرياضية وهي المقياس الحقيقي للبطولة فسنكتفي في هذا الفصل بكشف بعض الأوراق التاريخية في سجل البطولات الاتحادية وبالتحديد تلك التي تحققت خلال السنوات الخمس الأخيرة فارتبطت بالعصر الماسي لهذا النادي الأصيل.
منقول